-->

حسين الشرع والد أبو محمد الجولاني: رحلة عالم في السياسة والاقتصاد

يبرز الأستاذ حسين الشرع، المولود في سوريا عام 1946، كشخصية مؤثرة في مجالات السياسة والاقتصاد. يجسد الشرع نموذج الأكاديميين الملتزمين بالقضايا الوطنية، وهو والد أحمد الشرع المعروف بأبو محمد الجولاني. في هذا المقال، نستعرض محطات حياته وتأثيره في الحركة القومية وعلاقته بالأحداث السياسية في الشرق الأوسط.

سيرة ذاتية نابضة بالأفكار القومية

الأستاذ حسين الشرع

الأستاذ السيد حسين علي الشرع، سوري الأصل، وُلِد في منتصف عام 1946، تأثر بشكل كبير بالأفكار القومية، وخاصةً التي انتعشت مع الزعيم جمال عبد الناصر في خمسينيات القرن العشرين. تعليم الشرع بدأ في الإعدادية المركزية ببغداد، واحدة من أرقى المدارس في العراق، ومن ثم انتسب إلى حزب البعث، حيث جذبه الجناح القومي بعد التحاقه بجامعة بغداد (كلية الإدارة والاقتصاد) عام 1964. بعد عودته إلى دمشق بعد حصوله على الماجستير في الاقتصاد، اختار الابتعاد عن الانتماء لأي خلايا بعثية عراقية، رغم انتمائه العاطفي العميق للعراق.

أصول عائلية متنوعة وجذور تاريخية عميقة

على عكس ما هو شائع، فإن عائلات الشرع في درعا والقنيطرة ليست كلها من أصل واحد. يمكن تتبع سلالة حسين الشرع إلى جده طالب، الذي كان ممثلاً لمنطقة الزوية الغربية خلال ثورة حوران ضد الاستعمار الفرنسي في العشرينات، وهو ينتمي إلى عشيرة السلامات من قبيلة عنزة. بسبب نشاطه ضد الانتداب الفرنسي، اضطر طالب للهرب إلى الأردن حيث أقام لفترة طويلة.

مهنة وإسهامات في قطاع النفط

الاقتصاد السعودي حسين الشرع

عمل حسين الشرع مديرا للشؤون الاقتصادية في الشركة العامة للنفط السورية ومستشارا في وزارة النفط. إلا أن الشبهات الأمنية أدت إلى فصله من الوظيفة الحكومية، مما دفعه للانتقال إلى السعودية حيث عمل هناك لمدة 8 سنوات بداية من الثمانينات. هناك، وُلد ابنه أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) وتلقى تعليمه الابتدائي.

حسين الشرع يُعتبر خبيراً في اقتصاديات النفط، وله أربع مؤلفات تتعلق بقطاع النفط في سوريا والسعودية ومنظمة أوبك.

  1. النفط والتنمية الشاملة في الوطن العربي.
  2. التطور الاقتصادي في المملكة العربية السعودية ومستقبل التنمية.
  3. الاقتصاد السعودي في مرحلة بناء التجهيزات الأساسية.
  4. منظمة الأوبك 1960-1985: التحولات الكبرى والتحدي المستمر.

موقفه من الأحداث السياسية

كان الشرع معارضاً لنظامي الأسد وكان يتردد على ندوة الثلاثاء الاقتصادي ومنتدى الحوار الوطني في منزل عضو مجلس الشعب رياض سيف. منذ بداية الثورة، أبدى دعمه لها، ولكنه دعا إلى ضرورة تنظيم القوات المسلحة تحت قيادة الضباط المنشقين بالتعاون مع المعارضة السياسية لتحقيق بناء دولة ديمقراطية ووحدوية في سوريا.

أفكار حول الوحدة الوطنية والتحديات

مقال حسين الشرع في مجلة دراسات فكرية

في مقال له في مجلة دراسات عربية عام 1985، تناول الشرع التحديات التي واجهت المنطقة، مشيراً إلى أن الطائفية تمثل بديلًا مقلقًا عن الوحدة الوطنية. حيث يقول""هبت على المنطقة رياح حملت بذور الفتنة غير مرة بقصد تصديع البنية الوطنية داخل الأقطار العربية التي اعتبرت ذات يوم محركاً ودافعاً للدعوة القومية، ولعل أخطرها وأبعدها أثراً هي إطلالة الطائفية والمذهبية... الطائفية بكل ما تحمله من تناقضات ورواسب ظاهرها ديني متزمت يمتد إلى قضايا وأحاسيس ومناخات، وباطنها سياسي أتاحه لها المتفيقهون من الراسخين في التحريض... ففرضت نفسها بديلاً عملياً للألفة والمحبة والتسامح التي جاءت بها الأديان السماوية والمذاهب التي وزعت هذه الأديان إلى مسميات مذهبية بحيث أتاحت مجالاً رحباً للمتعصبين والمغرقين في مذهبيتهم أن يكفّروا كل ما عداهم... وتحيل العرب إلى عربين والتقوى إلى أسلوب للقتل والسفك والداعية إلى خطيب يحرض على القتل وينتقم... يجب أن تفرض الديمقراطية نفسها وتُطرح للجميع حتى يأخذ الإنسان بُعده الكامل..

ما العمل؟ الجواب أن يفهم الطائفيون والقُطريون العرب، دولاً وحكومات ومؤسسات، أن الحال على هذا المنوال مقدمة حتمية لسيطرة العهد الصهيوني... والعمل أن يعيد الذين فقدوا الثقة في مبادئهم حيوية انتماءاتهم، وأن يعلموا أن مستقبل هذه الأمة يحتاج إلى ريادة من نوع جديد تؤمن إيماناً عميقاً بالقومية العربية وتنادي بالوحدة العربية وتتعامل مع بعضها ومع الآخرين بالوعي الديمقراطي، بعيدين عن التشنج والاستلاب ومصادرة آراء الآخرين. لأن الوطن يتسع للكل، وهو وطن الكل، بلا تمييز عرقي أو طائفي أو مذهبي أو سياسي. فالكل في مرآة الوطن واحد."

تجسد حياة حسين الشرع مثالًا لباحث ملتزم بقضايا الأمة، يبرز أهمية الحوار والتفاهم في مواجهة التحديات الكبرى.

ذات صلة: هل تعلم أن محمد بن سلمان أقوى أمير في العالم لعام 2024