-->

أغرب وأطرف رسالة حب وغرام في التاريخ!

تعتبر رسالة غرام بنجامين فرانكلين إلى أرملة الفيلسوف هيلفتيوس "الحقول الإليزية" تحفة من الذكاء والسحر. والتي يقترح الزواج منها بشكل هزلي، مستخدمًا تسلسل الأحلام للتعبير عن مشاعره.
رسالة بنجامين فرانكلين إلى مدام هيلفتيوس "الحقول الإليزية"

قبل عرض الرسالة دعنا نعرف من هو بنجامين فرانكلين ومن هي أرملة الفيلسوف هيلفتيوس؟

أرملة الفيلسوف هيلفتيوس: هي كاثرين دي ليجنيفيل، أرملة الفيلسوف الفرنسي كلود أدريان هلفيتيوس. اشتهرت بصالوناتها الفكرية التي اجتذبت بعض ألمع العقول في عصر التنوير، وكان من بين ضيوفها الدائمين فلاسفة مثل دينيس ديدرو وبارون دولباخ، بالإضافة إلى شخصيات سياسية مثل بنجامين فرانكلين وتوماس جيفرسون. امتد تأثير كاثرين إلى ما هو أبعد من أسوار منزلها الباريسي. حافظت على مراسلاتها مع العديد من المفكرين البارزين في عصرها، بما في ذلك فولتير وجان جاك روسو.

بنجامين فرانكلين: كان بنجامين فرانكلين رجلاً متعدد المواهب. مخترع وعالم ودبلوماسي وأحد الآباء المؤسسين لأمريكا، ترك بصمة لا تمحى على التاريخ الأمريكي والعالم بأسره. اخترع مانعة الصواعق، وأثبت أن البرق هو شكل من أشكال الكهرباء. كما ابتكر نظارات ثنائية البؤرة، وموقد فرانكلين، وحتى آلة موسيقية تسمى أرمونيكا الزجاجية، وتشهد له هذه الرسالة الساحرة بمهارته الدبلوماسية، وتكشف جانبه المرح والذكي.

الحقول الإليزية: هي إشارة إلى الأرض الأسطورية اليونانية التي كانت المثوى الأخير للأرواح الفاضلة.

قصة رسالة بنجامين فرانكلين الى أرملة الفيلسوف هيلفتيوس

لفهم سياق هذه الرسالة، علينا العودة إلى أواخر القرن الثامن عشر. كان فرانكلين يشغل منصب سفير الولايات المتحدة في فرنسا، وهو الدور الذي يتطلب مهارة دبلوماسية ولباقة اجتماعية.

بعد وفاة زوجة فرانكلين عن عمر يناهز 50 عامًا في فيلادلفيا عام 1774 (لم يكن هناك عند وفاتها)، سعى إلى إقامة علاقات مع العديد من النساء المختلفات. وعلى وجه التحديد، كانت النساء الفرنسيات يعشقن فرانكلين لأنهن اعتبرنه رمزًا أمريكيًا.

وجد اهتمامًا خاصًا بجارته مدام هلفيتيوس. كانت أرملة فيلسوف مشهور، ووُصفت بأنها من أجمل نساء باريس. كانت تبلغ من العمر 60 عامًا عندما التقت بفرانكلين وكان عمره 72 عامًا. لقد أمضيا وقتهما معًا في الترفيه مع العديد من الشعراء والكتاب والفلاسفة في فرنسا.

لقد شكلوا علاقة لم تكن حميمة فحسب، بل كانت فكرية للغاية وكان فرانكلين ينظر إليها على أنها مساوية له. لقد وجد فيها شيئًا كان يفتقده في زوجته السابقة. لقد عشقها كثيرًا لدرجة أنه تقدم لها عدة مرات، لكنها رفضت اقتراحه في كل مرة، مما دفعه إلى كتابة رسالة لها. للوهلة الأولى، اعتقد الكثيرون أن الرسالة كانت مزحة خفيفة، لكن المزيد من النقد يظهر أن فرانكلين كان يحاول بالفعل إقناع مدام هلفيتيوس بالزواج منه.

الآن، استعدوا لمحتوى رسالة الحب الغريبة هذه.

رسالة بنجامين فرانكلين إلى مدام هيلفتيوس "الحقول الإليزية"

سيدتي العزيزة ..!

كانت مصارحتك لي باعتزامك البقاء ارملةً وحيدةً حتى تلحقي بزوجك ضربةً قاسيةً لم استطع الصمود امامها .. فتركتني مصدوماً مضطرباً ومضيت اتنقل من اسى مرير الى يأس قاتل، ولم أتمكن من النوم.

فاخذت منوماً شديداً وتهالكت على الفراش لأهرب من الحقيقة المرة، وفيما يرى النائم رايت نفسي قد انتقلت الى العالم الاخر ورحت اضرب فيه في حيرة ولهفة كمن يبحث عن عزيز فقده.

وفجأةً رأيت امامي ملاكاً جميلاً تقدم يسألني عن وجهتي فقلت له: "أريد ركن الفلاسفة". فقال: "هناك في طرف الحديقة يقيم فيلسوفان هما سقراط وهلفيتيوس"، وخيرني أن أختار بينهما، فأخترت هلفيتيوس،فقادني الملاك الكريم الى مكان اقامة زوجك هلفيتيوس الذي قام واستقبلني في بشر وترحاب، واخذ يسألني عن الحرب والدين والحرية وانا اجيبه وكلي رغبة ان يكف عن اسئلته لأوجه اليه السؤال الذي جئت من اجله!

واخيرا سألته: انت سألتني باهتمام كبير عن كل الناس ولم تسألني عن شريكة حياتك؟

فأرسل زفرة وقال: "انت تعيدني الى ذكريات الماضي التي يجب على الانسان ان ينساها هنا ليعيش سعيداً، لقد اضطرتني الظروف هنا ان أنساها وأتزوج من جميلةٍ تسعى لاسعادي بكل جهد".

فقلت له: "ان زوجتك على الارض أوفى منك، لأنها لاتريد ان يلمسها رجل بعدك ولقد أحببتها وطلبت يدها فرفضتني وفاءًا لذكراك".

وهنا رأيت السيد هلفيتيوس يبتسم في إشفاق قائلاً: "إني أرثي لحالك وحالها".

وفُتِحَ الباب ودخلت زوجته في العالم الآخر، وكم كانت دهشتي عندما وجدت أنها زوجتي "ديبورا" الراحلة من هذه الدنيا.

فركت عيني مكذباً نفسي، ثم سألتها: " ألم تقسمي ان تكوني لي وحدي ؟!"

فاجابتني في برود: " إنها ظلت مخلصة له بما فيه الكفاية لمدة 50 عامًا وقد وجدت الآن حبًا مع هلفيتيوس سيستمر إلى الأبد".

الحق اقول اني صعقت لردها البارد وهجمت لأضربها فأفقت من حلمي، ولكن، لازال في وسعي أن أنتقم منها وأنا مستيقظ، بل في وسعك أنتِ ان تنتقمي من زوجك أيضاً.

"هيا يا عزيزتي ننتقم منهما سوياً".

الخاتمة:

تعرض الرسالة المعنية سحر فرانكلين الأسطوري وروح الدعابة. واقتراحه بشكل هزلي الزواج من الأرملة هيلفيتيوس، على الرغم من تقدمهما في السن. الرسالة هي أكثر من مجرد رسالة حب ساحرة من المراسلات. إنه يوفر نظرة ثاقبة على شخصية فرانكلين ونهجه في الدبلوماسية.

علاوة على ذلك، فإن هذه الرسالة تجسد المناخ الفكري والاجتماعي في القرن الثامن عشر "عصر التنوير". يعكس المزج السهل بين الأفكار الفلسفية والأمور الشخصية روح العصر، حيث لم يكن يُنظر إلى العقل والعاطفة على أنهما متعارضان.

ستظل هذه الرسالة وثيقة تاريخية قيمة، تحفة من الذكاء والسحر، تأسر القراء بسحرها الغريب، مما يرسخ مكانتها كأغرب وأطرف رسالة حب في التاريخ.

محتوى ذو صلة: