-->

خواطر أشتياق - فراقك يقتلني وقلبي يتمزق!

صورة فتاة تبكي

ما أصعب الفراق وما أقسى وداع الأحبة، تلك اللحظات التي تجعل القلب يمتلئ بالحزن، وتغرق النفس في بحر من الوجع. فكل رحيل يحمل في طياته ألمًا لا يزول، وذكرى تبقى محفورة في الذاكرة، وكأن الوجع الصامت يتحدث بلغة لا يفهمها إلا من عاش تجربة الفراق. ، ولنا في فراق الأحبة وجع لا يزول وألم لا ينتهي، فعندما نفقد من نحب، يكون الفراق صعبًا، لكنه قدر لا مفر منه. وكلمات حزينة تنبض بالوجع تمر عبر الروح، لتذكرنا بأن هناك فراق، وأن وجع القلب والموت شعور متشابك لا يفارقنا في بعض لحظات الحياة. خواطر فراق الأحبة تروي لنا قصص الألم وتضع أمامنا تحديات الوداع وذكريات الأوقات الجميلة التي تبقى عالقة حتى في أوج الحزن.

الفراق صعب لكنه قدر

أحقا إفترقنا ؟، أحقا مات كل من على الارضِ ؟ ، أحقا بقيت وحدي !
أحقا بقيت خلفك ؟، ألصق بعضي من شتاتي فى بعضي !،ابحث عنك فى كل الجهات ، بالطول وبالعرضِ.

أستيقط صباحا، أفتح عيني للحياة وألمح سقف غرفتي ، فأشعر بالالم والاحباط ،لاكتشافي بانني مازلت على قيد الحياة ، وان فراقك لم يكن (كابوس) ليلة عابرة ،وان هناك معاناة ما ستبدأ بعد قليل مع واقع لايحتويك ، فأغمض عيني مرة أخرى.

لاشى بعدك يستحق الاستيقاظ ، لاشيء بعدك يستحق الاستمرار، لاشيء بعدك يستحق شيء.

أمد يدي إلى هاتفي ، أنيره فى عتمة الظلمة ، أبحث فيه عن أي شيء منك ، يمنحني الفرح ، فلاأجد سوى شبح غياب مقيت ، أقذفه بعيدا عني ، وأجلس على سريري ، أنكمش على نفسي ، أضع رأسي على ركبتي ، تغطيني ضفائري كإمراة بدائية ، يخيل الي اني ارتعش امام واقع فراقك ، كطفلة نامت بأحضان والديها بأمان ، واستيقظت لاأحد فوق الارض سواها

أتحرك من سريري باتجاه مرآتي ، أبتسم للانثى التى أراها فى المرآة!

أوشك على سؤالها من هي؟ ، لكني أرتعب حين أدقق فى وجهها ، انها تشبهني!

حتما هى ليست أنا ، هى تكبرني بعشرات السنين ، هى ضفائرها مهملة وانا ضفائري معطرة ، هى على وجهها علامات الحزن والانكسار ، وانا وجهى شموخ الارض كان به ، يرعبنى تخيل انها أنا ، وان فراقك قد تلاعب بعجلة عمري ، فنقلني ليلة الأمس من ربيع العمر إلى خريفه ، وان صدمة رحيلك قد قذفت بي ، من شموخ الحزن إلى إنكساره.

أهي صدمة الفراق؟
ام هو ذبول الحزن؟
نعم!، انه ذبول الحزن الذى يباغت ربيعنا ذات غدر ، فلا لايبقى منا ولايذر.

ألملم تبعثر شعري ، أرسم على وجهى إبتسامة ، أتقن إختيار أقنعه الفرح قبل الخروج اليهم ، أرتدى أجمل مالدي ، وأغمرنفسي بالعطر الذي ،ارسلته إلي ذات حب ، على منديل حريري أحمر.

هناك يجلس أبا مسنا ، عاش عمره يمنحني الفرح ، وعجوز ضحت من أجل سعادتي بالكثير ، فألقى بنفسى فى أحضانهم بدلال ، وأضحك معهم بصوت مرتفع ، وفى داخلي تبكيك ،أشياء ..وأشياء ..وأشياء!!

أغادر منزلي ، أتجه لزيارة جدتي ، أجلس تحت (السدرة العتيقة) فى البيت الكبير، أتأرجح بأرجوحة ( الحبال) ، فجدتي مازالت تصر على العيش فى منزلها القديم، تقول انها تخبىء فى الجدران عطر جدي ، وانها فى تراب البيت تشم عبير شبابها، فأقبل رأسها وأتجاهل نظراتها لي ، أخشى سؤالها عنك ، فهى إعتادت ان أثرثر بك كلما دخلت عليها ، هى اليوم لم تفعل ، وقد لاتفعل !! ، وأظنها شعرت بكل شيء ، فاليوم حين وضعت رأسي على حضنها ، وطلبت منها ان تحكى لى حكاية( إبنة السلطان)، التى عشقت( أبن الحطاب) .
وضعت يدها على رأسي ، سمعتها تقرأ وتكرر قوله تعالى (ربنا ولاتحملنا مالا طاقة لنا به) ،شعرت عندها انها تخفي دموعها عني، عندها أدركت انها تعلم ، إلتصقت بها أكثر، دفنت وجهي بها وبكيت !

أغادرها، أتجول بسيارتي بلا هدف ، كأني أبحث عنك فى زحامهم ، أسمع أغنية (الاماكن) وأغالب البكاء، وأبحث عن مكان جمعني بك ، فلا أجد !!!

لم تجمعنى بك الاماكن يوما ، لاشىء فى وطني يربطني بك ، ولاشيء فى وطنك يذكرك بي ، فمرورك لم يكن( حولي ) ، كى أغير المكان ، مرورك كان بي !! ، فكيف أغير(بي) ؟!

أتجه الى المكان ، الذى أخبرتني يوما انه سيكون بيتنا ، لانه بقعة الأرض الوحيدة التي تجمعنى بك ، ووعدتك ان لا أمره بعد الفراق ، لكننى مازلت أمر !!! ، رغما عنى أمر !!! ، أتقصى أخبارك ، أمر بهلع أم أضاعت طفلها الوحيد ، فى غابة مليئة بالوحوش المفترسة ، أمر بمرارة عاشقة تسير باتجاه الفصل الأخير من حكايتها ، أمربجرح زوجة تركت زوجها الذى تعشق بصحبة إمرأة أخرى زفت إليه منذ قليل ، أمر بانكسار أنثى خذلتها عند الحنين كل القلوب والابواب والدروب !، فأراك ولاأراك ، أجدك ولاأجدك !

أتجه الى البحر ، أقف فوق شاطىء البحر وحدي ، تخنقني العبرة عند رؤيته ، ويخيل إلي انها أيضا تخنقه ، فكم وقفت على هذا البحر، وكم حدثته عنك ، وكم كتبت اسمك على رماله ، وكم لعبت فى أمواجه ، وكم وقفت فى منتصفه ، وصرخت متحدية فيروز بأعلى صوت ، ماأصغر بحرك يافيروز ، وماأقرب سماك ، أنا أحبه أكبر من البحر وأبعد من السماء ، فاسأل البحر في وطني ان زرته يوما ، كم أحببتك ؟

على البحر أقتطع تذاكر الحنين و أسافر إليك خيالا ، وأتذكرحين قلت لى يوما أنك تحبني ، فصدقتك ، لان مثلك لايقول إلا صدقا،وقلت لى انني لاأغادر ذاكرتك وصدقتك ، لان مثلك لايقول إلا صدقا،وقلت لى انك لم تتركني من أجلها وصدقتك ، لان مثلك لايقول إلا صدقا.
وها أنا أحصي خلفك عدد المرات ، التى قلت بهاو صدقتك ، لان مثلك لايقول إلا صدقا.

أعود إلى غرفتي ، أطفىء أنوار المصابيح ، وأشعل شموعي الملونه ، أملأ محيطي بالبخور ، وأطلق أسر ضفائري ، وأتحول إلى أنثى غجرية ، أزين أصبع قدمي الصغير(بخاتم) صغير، وأضع (الخلاخل) التى أعشقها فى قدمي .

لاأعلم لماذا تدهش صديقاتي ، من عشقي لارتداء (الخلاخل) ، فكل بلد زرته أحضرت لي منه خلخالا مميزا.

أتحول إلى أنثى بكامل زينتها قبل النوم ، برغم يقيني ان روميو لايقف تحت شرفتي،ولاقيس سيأتي كى يقبل جدار منزلي ، ولا الأمير الحمداني سيرسل لى قصائد الشوق من أسره ، انها طقوس غبية إعتدت عليها، منذ ان أدركت انني انثى ، منذ ان عشقت نزار وأنثى نزار، منذ ان عاهدت نفسي ان أدللها إلى ان يأتى من يدللها ، كم تمنيت ان أتخلص من هذه العادات الغبية ، التى تثير إستيائهم ودهشتهم من حولي ، وتشعرنى انى إمرأة من كوكب آخر، لكني فشلت، لأن (أنا) لايمكنها ان تكون سوى أنا.

يتضخم الحزن فى داخلي ، فأبدأ بممارسة هوايتى الغريبة للهروب من الحزن.

هى عادة رافقتني منذ إلتصقت بي ( لعنة الحزن ) ، فكنت كلما شعرت بالاختناق،وأردت الهروب من التفكير قبل النوم ، أرقص بجنون غجرية مجروحة ، حتى يرهقني الرقص ، فأرتمي فوق سريري مرهقة فأنام بلا تفكير ، لكن ، تغيرت أشياء وأشياء بعد رحيلك ، ماعاد الرقص يرهقني ، وماعدت أنام.

أجلس فى ركن قصي فى غرفتي ، أستند إلى الجدار، وهاتفي النقال بيدي ، أقلب صندوق الرسائل به ، أقرأ قديم رسائلك ، تستوقفني رسالة أرسلتها لى ذات حب، تقول : ( ............... ) فأبتسم بألم ، وأضع وجهي بيدي وأبكي شوقا إليك .

أجلس فوق سجادة صلاتي ، أرفع يدي للدعاء بنسيانك ، أتراجع يرعبني نسيانك، فمن نفس هذا المكان ، رفعت يدى ليال أدعو الله ان تكون لى ومعي ، ومن نفس هذا المكان ، دعوت الله ان تكون أسعد خلقه فى كونه ، ولم أستخره بك يوما ، كنت أخشى ان تكون شرا، فيبعدك الله عنى !!! ، فأنت لم تكن شيئا عاديا فى حياتي ، لم تكن إحساسا عابرا، لم تكن مرضا يمكن الشفاء منه ، انت كنت فى عمري ، شيئا يفوق عمري !!

وهاهو عمرى يخلو منك ، وهاهو عمرك يمتلىء بها.

ترى ؟!

هل غاب من عالمك عطري ؟ ، هل إحتفلت معها بعودتها بعد غياب اليك ؟
هل أحببتها حد نسياني ؟ ، هل إقتربت منها حد خيانتي ؟ ، هل مازلت تتمنى ان تزفني إلى آخر ؟ ، فى ليلة تسمى ب ( لعنة العمر) ، فأجلس بجانبه ، وبينى وبينه تجلس أنت.

ترى ؟! كم سنة يجب ان أغمض عيني وأنا معه ؟؟ ، حتى أتقبل انه ليس أنت.
أعود إلى فراشي ، أضم صورتك إلى قلبي ، وأغفو، علني فى الغد أفتح عيني
فلا ألمح سقف غرفتي !!

أقرأ المزيد