-->

أتعلمين يا حبيبتي؟ من التهور حقًّا أن تحبَّي رجل يكتب

إمرأة جميلة تتصفح الموبايل

رسالة إلى حبيبتي البعيدة:

أحببتُ فكرة الكتابة إليكِ، رغم أنني لستُ متأكدًا من السبب الذي يحثني على ذلك. أشعر كأنني مرفأ متهالك، يفتقر إلى استقرار مرساته، أزرع في عمق البحر آلام سفينتي التي لم تُقدِّري قدومها، وأطلق صرخات النوارس التي تنادي أسماء من غابوا، دون أن ينطقوا باسمي. أنا دمعة مختبئة في عيون الأبواب السحرية، التي تُطرِق الأجراس عند سماع اسمك، لكنها تجد فقط العتبات الفارغة تنتظر حضورك. أعيش في فراغ بين السطور، كـ شريد وُلِدَ قبل الحرب العالمية الأولى برصاصة واحدة، قبل أن تتلاشى آخرُ ملامح رجل عشقًا.

أتعلمين يا ملاكي؟ أقف الآن على حافة رسالة أخيرة بيننا، كعصفور يرتجف من جفاف قمصان من رحلوا عراة إلا من ظلالهم. أتلمس الكلمات الرمادية التي لم تُعطي نفسَك مشقة قراءتها، وأكتفي بزرقة الحروف الباردة التي تخرج من قلبي، أذوب كأنني ثلاث أرباع شمعة تُذوب بلا قيمة. فماذا يعني الذوبان لشمعة؟

يضيء اسمكِ كقارب أزرق يحملني إلى بر الأمان، أقفز في فرحٍ كأرنب في موسم الحب، أرتعش وأقرأ رسائلكِ ببطء، كأني أكتب تاريخ السلاحف، ثم أستنشِقُكِ كذرة الأكسجين الوحيدة التي أحتاجها قبل القيامة، لكني أختنق بصمت قلبٍ يشتاق.

أتنفس كلماتكِ عدة مرات كل يوم، وأعيد قراءة ما كتبتيه، رغم علمي أن تصديق كاتب قد يكون من التهور، فهم يختارون باقات ورد حمراء، بينما يفكرون في تحويل لون حزن الحبيبة وعدد الشامات على ضلعها إلى نص جديد، يستخلصون الدم من روحها ولا يتركون لها سوى مرارة الحبر.

كم أُحبكِ، وكم تزدادين بُعدًا في هذا العالم القاسي. لكن هناك شيء ما يجذبني نحوكِ بطريقة عمياء، كلما قررت الابتعاد وعدم الحديث معكِ. أرغب فعلًا في التخلص منكِ لأعرف كيف أعيش بلاكِ.

ماذا فعلتِ بي؟ ما سركِ؟ ما الذي أخذته من روحكِ أو جسدكِ؟

لا أعلم لماذا أفتح أبواب الكوابيس والأحلام، أبحث عنكِ في أظلم الزوايا، آملاً أن أُهمس في أذنكِ: أحبكِ.

سأعترف لكِ أن الزرقة تشتتني، تجعلني لا أميز بين البحر والسماء ولون قميصي الذي ذاب بين أحضاننا يوم عناقنا الأول، منذ زمن بعيد.

ملحوظة أخيرة: أتعلمين يا حبيبتي؟ أنتِ على حق، فمن الخطر أن تحبي كاتبًا. لأنه قد يحوِّلكِ إلى مشروع نص يُعدُّ حروفه في عوالم افتراضية، بينما لا يزال غارقا في رسائلكِ الزرقاء الأخيرة، يحاول عبثًا تحويل وجع المرافئ إلى جزء من البحر.

عمليات البحث ذات الصلة